استراتيجيات المناقشة العلمية

استراتيجيات المناقشة العلمية تتعدد بصفة مستمرة وذلك ناتج عن كون المناقشة العلمية تتكرر بصورة مستمرة في الجامعات والكليات والأقسام، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها لم تخضع للدراسة والبحث والتطوير بصورة كبيرة، ويرجع السبب لذلك وفقاً لبعض الدراسات الأجنبية أن المناقشة العملية غالباً ما تكون محاطة بجوانب شخصية أو جوانب غير معلنة، أو أن هناك درجة الحساسية داخل الحرم الجامعي تمنه تطويرها والحديث عنها وتناولها بالدراسة.

ونظراً لأهمية المناقشة العلمية ودورها في تقييم الأبحاث والرسائل الجامعية سواء ماجستير أو دكتوراه حرص المقال الحالي على دراسة استراتيجيات المناقشة العلمية من واقع الدراسات الأجنبية التي تناولتها بالدراسة والبحث وجاء المقال متضمناً لبعض من النقاط الهامة وهي:

1. ما هي المناقشة العلمية؟.
2. أهم الخبرات الدولية في المناقشة العلمية حول العالم.
3. أهم الملاحظات عن طبيعة المناقشة العلمية.
4. ما هي استراتيجيات المناقشة العلمية؟.
5. ما هي أهم التساؤلات من واقع المناقشة العلمية؟
6. ما الفوائد الأكاديمية للمناقشة العلمية المميزة؟
7. ما هو زمن المناقشة العلمية؟.
8. كيف يتم تحكيم الرسالة العلمية؟.

1. المناقشة العلمية هي عبارة عن حوار رسمي مع خبراء ومتخصصين في مجال علمي معين، وفحص علمي دقيق يتم إجراؤه من خلال الحديث بينهم.
2. من خلال المناقشة العلمية يمنح الباحث فرصة للدفاع عن رسالته العلمية سواء ماجستير أو دكتوراه وعن منتجه المعرفي، ومن ثم التعرف على مدى استيفاء والتزام الباحث لكافة الشروط والمتطلبات اللازمة للحصول على الدرجة المستحقة (ماجستير أو دكتوراه).
3. تتيح لجنة المناقشة العلمية الفرصة أمام الباحث من أجل التعريف برسالته وجهده ومدى إضافته المعرفية في مجال تخصصه، بالإضافة إلى قياس قدرة الباحث العلمية ومدى إدراكه واستيعابه لموضوع رسالته، ومن ثم التعرف على كفاءته المنهجية والتزامه بكافة أخلاقيات البحث العلمي.

تختلف استراتيجيات المناقشة العلمية وطرق إعدادها وإجراءاتها من دولة إلى أخرى فمن خلال الاطلاع على المناقشات العلمية في بعض الدول الأجنبية نجد الآتي:

1. في بعض الجامعات الأمريكية تتاح الفرصة للحضور للجميع من المهتمين بموضوع الرسالة ويمكنهم سؤال الباحث مباشرةً عن رسالته العلمية بعد أن يتم عرضه التقديمي لهم، بعد ذلك يطلب منهم المغادرة، وتخلو لجنة المناقشة بالباحث لمدة ساعة تقريباً لإجراء المناقشة.
2. جامعات الدول الإسكندنافية يطلب من الباحث إعداد ملخص عن الرسالة ووضعه في غرفة مشتركة بالقسم المختص، كدليل على انتهاء الرسالة والاطلاع عليها.
3. توجد بعض الجامعات التي تتيح للطالب حرية الاختيار بين المناقشات العلنية أو الاختبار التحريري في الرسالة ذاتها، وجامعات أخرى تكتفي بإجراء تعديلات على الأطروحة وتسليمها للمشرف دون مناقشة.

من خلال الاطلاع على استراتيجيات المناقشة العلمية وسؤال بعض طلاب الدراسات العليا من لهم سابقة في حضور المناقشات العلمية ظهرت مجموعة من الملاحظات حول طبيعة المناقشات العلمية وطرق تطويرها وهي كالتالي.

1. الاهتمام والتركيز على المنهجية أكثر من الإضافة العلمية في الرسالة.
2. عدم وجود آلية واضحة في اختيار المحكمين ولجنة المناقشين.
3. ممارسة النقد لدى بعض المناقشين بغض النظر عن صحة النقد أو خطأه.
4. الثناء بشكل مبالغ فيه لدى بعض المناقشين لبعض الطلاب دون غيرهم.
5. عدم إعطاء الباحث الوقت الكافي للمناقشة والدفاع عن أطروحته.
6. التحول والتغير لدى المناقش في قوة وطبيعة المناقشة العلمية من رسالة إلى أخرى.
7. عدم قراءة الرسالة بشكل كامل من قِبَل بعض المناقشين والاكتفاء بعض صفحات منها أو فصول.
8. التركيز على الأخطاء اللغوية والإملائية بشكل كبير والتي قد تأخذ وقتاً طويلاً من وقت المناقشة العلمية.
9. هناك تفاوت كبير وملحوظ في تقدير الدرجة بين الطلاب والباحثين.

من خلال الخبرات في حضور المناقشات العلمية لعدد كبير من الباحثين والطلاب والأساتذة سواء كانت في درجة الماجستير أو الدكتوراه، اتضح أن هناك بعض من استراتيجيات المناقشة العلمية والتي قد تساهم بشكل كبير في تيسيرها وتبسيطها لجميع القائمين على البحث العلمي سواء أساتذة أو طلاب وباحثين وتتمثل في الآتي:

1. استراتيجية الاحتواء.
2. استراتيجية التمكين.
3. استراتيجية النقد العلمي.
4. استراتيجية التركيز.
5. استراتيجية التنظيم.

أولاً: استراتيجية الاحتواء:

يقصد بهذه الاستراتيجية باحتواء المناقش للموقف العلمي في المناقشة وكيفية إدارته له بنضج وحكمه وذكاء، ومحاولة بث مشاعر التعاطف والاحترام والتقدير للباحث ومجهوداته  ومجهود مشرفه الأكاديمي، ومن ثم تهيئته للمناقشة ومحاولة إشراكه في النقاش والحوار بشكل سلس من خلال توضيح جوانب القوة في رسالته العلمية.

ثانياً: استراتيجية التمكين:

تعد هذه الاستراتيجية من الركائز المهمة والرئيسية في المناقشة العلمية إذ يتيح المناقش من خلالها الفرصة كاملة للباحث للحديث عن رسالته العلمية وتوضيح أهم أهدافه والأسباب التي دفعته للخوض في هذه الرسالة، ومن ثم التعريف بجهده ووقته الذي أنفقه خلال تنفيذ هذه الرسالة، إذ تعتبر المناقشة العلمية في المقام الأول والأخير نوع من أنواع الحوار والمداولة بين الطرفين.

ثالثاً: استراتيجية النقد العلمي:

هي أحد استراتيجيات المناقشة العلمية التي تعبر عن وجود هفوات وأخطاء وتجاوزات علمية كونها أمر وارد ومتوقع في الرسائل العلمية، ولا بد من حضور وتأكيد النقد العلمي الصارم، وبلغة واضحة ومباشرة، وتعريف الباحث بجوانب القوة ومواطن الضعف في رسالته العلمية، فالإشارة إلى جوانب الخلل والقلق العلمي خو بمثابة جزء من صناعة باحث علمي قادم. والترجيب به في المجال العلمي والانغماس في فلسفته ومناهجه وافتراضاته وواجباته.

هذا ومن يريد الانضمام إلى المجتمع الأكاديمي عليه أن يتحلى بسمات أعضاءه في الوضح في أفكاره والدفاع عنها، القدرة على التحيل والنقد العلمي والكتابة الأكاديمية، ومن ثم التحلي بميثاق المهنة والأمانة العلمية وأخلاقيات البحث العلمي.

رابعاً: استراتيجية التركيز:

المناقش المميز هو الذي يستطيع إدراك مواطن قوته في تخصصه العلمي، والمجالات التي يمكن الإجادة فيها والتي تفيدة بشكل كبير في المناقشات العلمية، سواء في فلسفة البحث ومنطلقاته أو منهجيته وأدواته أو في التحليل والتفسير للنتائج، أو عملية الإحصاء ودلالاته، أو كل هذه الأمور.

هذا فالتركيز في المنطقة الخاصة به أفضل وأكثر تركيزاً وأثراً في تجويد الرسالة العلمية وإفادة البحث والباحث، والعكس صحيح عندما يخوض في مجال غير مجاله، ومن التركيز أيضاً أن تكون موضوعات المناقشة ومحاورها ذات علاقة بالرسالة وداخل إشكاليات البحث العلمي.

خامساً: استراتيجية التنظيم:

جميع المناقشات العلمية تعكس شخصية المناقش وظهوره بين أقرانه وزملاؤه  وطلابه والوسط الأكاديمي العلمي، مما يجعل امتلاك منهجية خاصة في المناقشة وأثناء المداولة العلمية، مما يعطي انطباعاً مميزاً له، ويظهر هذا في مدى حرصه على النظام وتنظيم مدخلاته بشكل سهل وواضح ومفهوم، إذ ينتقل من المهم فالأهم، ومن العام إلى الخاص.

هذا بالإضافة إلى طريقة إلقاءه أثناء المناقشة بالإضافة إلى طريقته في تدوين ملاحظاته العلمية عند إرسالها إلى المشرف بحيث تكون واضحة ومنظمة، ومن خلال أيضاً التجربة وتكرار الأخطاء والملاحظات في الرسائل العلمية وبين طلاب الدراسات العليا.

من واقع الحضور والاطلاع على المناقشات العلمية والتعرف على استراتيجياتها نجد أن هناك العديد من الأسئلة المتكررة التي يتم طرحها على الباحث أثناء المناقشة وهي:

1. لماذا اخترت هذه المشكلة البحثية بالتحديد؟.
2. ما الذي تريد أن تصل إليه من خلال بحثك أو دراسته العلمية؟.
3. ما هو المنطلق النظري الذي قامت عليه رسالتك؟.
4. ما هي النظريات التي تدعم مشكلتك البحثية؟.
5. إلى أي مدى تجد تحيزك تجاه فرضيات دراستك وأدواتها ونتائجها؟.
6. ماذا تعلمت من دراستك للأدبيات والدراسات السابقة؟.
7. لماذا قررت اختيار ذلك المرجع بالذات دون غيره؟.
8. ما الإضافة التي تعتقد أنك قمت بها في دراستك؟.
9. كيف تعاملت مع الإجراءات  التي تتعلق بأخلاقيات البحث العلمي؟.
10. ما العقبات والمفاجآت التي واجهتك أثناء دراستك؟.
11. كيف تعاملت مع عينة الدراسة؟. وما مدى استجابتها معك؟.
12. لخص نتائج دراستك بجمل محددة؟.
13. لماذا اخترت هذه المنهجية العلمية دون غيرها؟، ولو اختلفت هل تعتقد أن النتائج ستكون نفسها؟.
14. ما النصائح التي تقدمها لزملائك الباحثين وطلاب الدراسات العليا؟.

يوجد العديد من الفوائد الأكاديمية للمناقشة العلمية المميزة وهي:

• تجويد الرسالة العلمية وتميزها.
• تنوير طلاب الدراسات العليا وتثقيفهم بإجراءات المناقشة.
• العائد العلمي والمنهجي لطلاب الدراسات العليا.
• تطوير وتنمية واقع المناقشات العلمية وأثرها على الأساتذة من أعضاء هيئة التدريس الجدد.
• تأكيد الحصور العلمي للمناقش وتفرده في الوسط الأكاديمي.
• تميز القسم والكلية والجامعة التي تنتمي إليها الرسالة العلمية بعد المناقشة.

هناك العديد من الإجابات حول مثل هذه الأسئلة والتي تتعلق بالفترة الزمنية للمناقشة العلمية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. تتراوح غالباً ما بين ساعة إلى ثلاثة ساعات وفقاً للدليل الإرشادي لكل جامعة، وفي الغالب لا تتجاوز الساعتين.
2. يتم تخصيص منها فترة زمنية من (10 إلى 15 دقيقة) للباحث لعرض رسالته العلمية وتوجيه كلمة الشكر.
3. تبدأ بعض كلمة الباحث في الغالب بالمناقش الخارجي أولاً يعقبه المناقشة الداخلي.
4. يقوم المشرف الرئيسي على الرسالة بتعريف سيرهم الذاتية بشكل موجز لجميع الحاضرين.
5. بعد انتهاء المناقشة تجتمع لجنة الحكم والمناقشة لإصدار الحكم على الرسالة العلمية.

يتم تحكيم الرسالة العلمية من قِبَل لجنة الحكم والمناقشة للتداول فيما بينهم في تقدير الدرجة ومدى أحقية الباحث لها ويتم ذلك وفق معايير محددة وتختلف من جامعة لأخرى ومن أهمها الآتي:

1. استيفاء الرسالة العلمية للخلفية العلمية لموضوع البحث.
2. الجدة والأصالة والابتكار والإسهام الفعال في تنمية المعرفة.
3. الموضوعية في الرسالة.
4. التزام الباحث بالمنهجية العلمية.
5. التحليل العلمي في الرسالة.
6. نتائج وتوصيات الرسالة.
7. مصادر ومراجع الرسالة وتنوعها.
8. أسلوب الكتابة وسلامة اللغة والإخراج الفني لشكل الرسالة النهائي.
9. الإضافة العلمية للرسالة.
10. طريقة وأسلوب عرض الباحث أثناء المناقشة.

بإمكانك الحصول على كثير من المعلومات عن استراتيجيات المناقشة العلمية من خلال نسخة إلكترونية يمكنك الاطلاع عليها وتحميلها مجاناً بصيغة pdf من خلال الرابط التالي (أضغط هنا).

المحسن، محسن بن عبدالرحمن. (2023). استراتيجيات في المناقشة العلمية لأعضاء هيئة التدريس. أصول التربية بكلية التربية جامعة القصيم.

فارس، نجلاء محمد. (2021). استراتيجيات تنظيم المناقشات الإلكترونية وأثرها في تنمية مهارات مشاركة المعرفة والاندماج في المحادثات لدى طلاب كلية التربية النوعية. مجلة جامعة جنوب الوادي الدولية للعلوم التربوية، (6)، 33- 62.